المحكمة التأديبية لمستوي الإدارة العليا - بطلان التحقيق ، ضمانات التحقيق - إغفال مسألة جوهرية
باسم الشعب مجلس الدولة المحكمة التأديبية لمستوي الإدارة العليا بالجلسة المنعقدة علناً بمقر المحكمة اليوم الأربعاء الموافق 27 / 10 / 2021 برئاسة السيد الأستاذ المستشار / حاتم محمد داود فرج الله نائب رئيس مجلس الدولة ورئيـــــــــس المحكمة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / بهجت جوده السيد عبد الجواد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور / وائل السيد على عبد الواحد نائب رئيس مجلس الدولة وسكرتارية السيد/ صبري سرور أمين سر المحكمة أصدرت الحكم بالآتي في الطعن رقم 24 لسنة 55 ق. المقام من إيناس السيد مغاوري الدرديري ضــــــــد رئيس جامعة بنها (بصفته) الوقـائع: أقامت الطاعنة طعنها الماثل بصحيفة أودعت ابتداءً قلم كتاب المحكمة التأديبية بالقليوبية بتاريخ 17/10/2019 حيث قُيّدت بجدولها برقم 8 لسنة 7 ق، وطلبت فِي ختامها الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار رقم 1215 لسنة 2019 الصادر من رئيس جامعة بنها وإعتباره كأن لم يكن وإلزام الجهة الإدارية المصروفات والأتعاب. وذكرت شرحاً لطعنها انها تعمل أستاذ مساعد بقسم الاقتصاد المنزلى بكلية التربية النوعية بجامعة بنها، وأنّه بتاريخ 21/5/2019 صدر القرار المطعون فيه رقم 1215 لسنة 2019 من المطعون ضده بمجازاتها بعقوبة اللوم لتعمّدها – وأخرى - الإضرار بسمعة الدكتور أحمد عبدالفتاح علي الأدبية ومركزه العلمي بالكلية بتقديم شكوى كيدية ثبت عدم صحتها في مجلس التأديب والمحكمة الإدارية العليا. ونعت الطاعنة على هذا القرار صدروه مخالفاً للواقع والقانون، مما حدا بها لإقامة طعنها بغية القضاء لها بطلباتها سالفة الذكر. وتدوول نظر الطعن أمام المحكمة التأديبية بالقليوبية على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، قدم خلالها الحاضر عن المطعون ضده حافظتي مستندات حوتا الأوراق المعلاة على غلافيهما ومذكرة دفاع طلب في ختامها الحكم بعدم قبول الدعوي شكلاً لرفعها بعد الميعاد القانوني، ولرفعها دون سابقة التظلّم، ولرفعها دون سابقة التقدم بطلب للجنة التوفيق المختصّة، وبرفضها موضوعاً وإلزام رافعتها المصروفات وأتعاب المحاماة، وقدّم الحاضر عن المدعية حافظة مستندات. وبجلسة 19/7/2020 قضت المحكمة بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الطعن وأمرت بإحالته بحالته إِلَى المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العُليا بالقاهرة للاختصاص. ونفاذا للقضاء المتقدّم؛ ورد الطعن إلى هذه المحكمة حيث قُيّد بالرقم المدون بصدر هذا الحكم، وتحدد لنظره جلسة 23/12/2020، وتدوول الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، قدم خلالها الحاضر عن المطعون ضده حافظة مستندات حوت الأوراق المعلاة على غلافها ومذكرة دفاع طلب في ختامها الحكم بعدم قبول الدعوي شكلاً لرفعها بعد الميعاد القانوني، ولرفعها دون سابقة التقدم بطلب للجنة التوفيق المختصّة، ولرفعها دون سابقة التظلّم، وبرفضها موضوعاً وإلزام رافعتها المصروفات وأتعاب المحاماة، وقدّم الحاضر عن المدعية حافظة مستندات. وبجلسة 6/10/2021 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة عَلَى أسبابه عند النطق به. المحـكمة بعد الإطلاع على الأوراق ، وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً. وحيث تطلب الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء قرار رئيس جامعة بنها رقم 1215 لسنة 2019 فيما تضمنه من مجازاتها بعقوبة اللوم مع ما يترتب على ذلك من أثار. ومن حيث إنه عن شكل الطعن، وإذ صدر القرار المطعون فيه بتاريخ 21/5/2019، وخلت الأوراق من تاريخ إخطار الطاعنة به، وحيث تظلّمت الطاعنة - بطريق البريد السريع – بتاريخ 29/7/2019، ثم لجأت للجنة التوفيق المختصّة بتاريخ 1/8/2019 بطلبها رقم 212 لسنة 2019، حيث انتهت اللجنة بجلسة 19/8/2019 إلى رفض الطلب، فأقامت الطاعنة طعنها أمام المحكمة التأديبية بالقليوبية بعريضة أُودعت قلم كتابها بتاريخ 17/10/2019. ومن ثم يكون الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية المقررة قانونا، ويكون مقبولاً شكلاً. ومن حيث إنه عن موضوع الطعن، فإنه وإذ تنصّ المادة (105) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 المعدلة بالقانون رقم 54 لسنة 1973 على أن "يكلف رئيس الجامعة أحد أعضاء هيئة التدريس في كلية الحقوق بالجامعة أو بإحدى كليات الحقوق إذا لم يوجد بالجامعة كلية حقوق بمباشرة التحقيق فيما ينسب إلى عضو هيئة التدريس، ويجب ألا تقل درجة من يكلف بالتحقيق عن درجة من يجري التحقيق معه ويقدم عن التحقيق تقرير إلى رئيس الجامعة... ولرئيس الجامعة بعد الإطلاع على التقرير أن يحفظ التحقيق أو أن يأمر بإحالة العضو المُحقق معه إلى مجلس التأديب إذا رأى محلاً لذلك أو أن يكتفي بتوقيع عقوبة في حدود ما تقرره المادة (112).". وتنص المادة (112) من ذات القانون على أنه "لرئيس الجامعة توقيع عقوبتي التنبيه واللوم المنصوص عليهما في المادة (110) على أعضاء هيئة التدريس الذين يخلّون بواجباتهم أو بمقتضيات وظائفهم، وذلك بعد سماع أقوالهم وتحقيق دفاعهم، ويكون قراره في ذلك مسبباً ونهائياً، وعلى عميد كل كلية أو معهد إبلاغ رئيس الجامعة بكل ما يقع من أعضاء هيئة التدريس من إخلالّ بواجباتهم أو بمقتضيات وظائفهم.". ومن حيث إن مفاد ما تقدّم أن المشرع في قانون تنظيم الجامعات بيّن واجبات أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، ونظم إجراءات تأديبهم، وحظر توقيع أي جزاء على عضو هيئة التدريس إلا بعد سماع أقواله وتحقيق دفاعه، وحدد وسيلة التحقيق مع عضو هيئة التدريس وضمانات التحقيق، وأسند إلى رئيس الجامعة الاختصاص بتكليف أحد أعضاء هيئة التدريس في كلية الحقوق بالجامعة أو بإحدى كليات الحقوق إذا لم توجد بالجامعة كلية الحقوق للتحقيق مع عضو هيئة التدريس فيما يُنسب إليه من مخالفات، واشترط المشرع ألا تقل درجة من يُكلف بالتحقيق عن درجة من يجري التحقيق معه، ويُعد عضو هيئة التدريس بكلية الحقوق المُكَلف بالتحقيق تقريرًا يشمل مضمون التحقيق ونتيجته، ويرفعه إلى رئيس الجامعة، ومنح المشرع رئيس الجامعة سلطة حفظ التحقيق أو إحالة عضو هيئة التدريس إلى مجلس التأديب، أو أن يوقع عليه إحدى عقوبتي التنبيه أو اللوم بقرار مُسبب. وأن المخالفة التأديبية هي سبب صدور القرار بتوقيع الجزاء التأديبي، والمخالفة التأديبية التي تُنسب إلى عضو هيئة التدريس بالجامعة هي إخلاله بواجبات وظيفته بارتكاب سلوك إيجابي أو سلبي يُشكل خروجًا على مقتضيات الوظيفة التي يشغلها، أو أن يأتي بما يخل بالتقاليد أو القيم الجامعية، فإذا انتفى عن ما يُنسب إلى عضو هيئة التدريس وصف المخالفة التأديبية، أو كان السلوك المنسوب إليه يُشكل مخالفة لكنها غير ثابتة في جانبه ثبوتًا يقينيًا، فلا يجوز أن توقع عليه عقوبة تأديبية لانتفاء سبب القرار الصادر بالعقاب. {حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 49715 لسنة 64 ق ع بجلسة 23/2/2020}. وإذ استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن حق الدفاع يتفرع عنه مبادئ عامة في أصول التحقيقات والمحاكمات التأديبية ومن بينها حتمية مواجهة المتهم بما هو منسوب إليه وسماع دفاعه وتحقيقه، ويعتبر ذلك من الأسس الجوهرية للتحقيق القانوني، حيث يجب إحاطة العامل بحقيقة المخالفة المنسوبة إليه وإحاطته أيضًا بمختلف الأدلة التي يقوم عليها الاتهام، وذلك حتى يستطيع الدفاع عن نفسه فيما هو منسوب إليه. وأنه يلزم حتمًا إجراء تحقيق قانوني صحيح سواء من حيث الإجراءات أو المحل والغاية لكي يمكن أن يستند على نتيجته قرار الاتهام شاملًا الأركان الأساسية المحددة على النحو السالف البيان. وتلك القاعدة التي تستند إليها شرعية الجزاء هي الواجبة الاتباع سواء تم توقيع الجزاء إداريًا من السلطة التأديبية الرئاسية أو تم توقيعه في مجلس تأديب مختص أو تم توقيعه قضائيًا بحكم من المحكمة التأديبية، لأن التحقيق هو وسيلة استبانة الحقيقة ووجه الحق فيما ينسب إلى العامل من اتهام، وبغير أن يكون تحت يد الجهة التي تملك توقيع الجزاء التأديبي تحقيق مستكمل الأركان لا يكون في مكنتها الفصل على وجه شرعي وقانوني في الاتهام المنسوب للعامل، ولا يكون التحقيق مستكمل الأركان صحيحًا من حيث محله وغايته إلا إذا تناول الواقعة محل الاتهام بالتحقيق، بحيث ولابد أن يحدد عناصرها بوضوح ويقين من حيث الأفعال والزمان والمكان والأشخاص وأدلة الثبوت، فإذا ما قصر عن استيفاء عنصر أو أكثر من هذه العناصر على نحو تجهل معه الواقعة وجودًا وعدمًا أو أدلة وقوعها ونسبتها إلى المتهم كان تحقيقًا معيبًا ويكون قرار الجزاء المستند إليه معيبًا كذلك. {حكمها في الطعن رقم 62436 لسنة 60 ق بجلسة 27/3/2021}. وأنه من المقرر ضرورة تحقيق مبدأ المواجهة فى التحقيق الذى يجرى مع العامل بمعنى أن تتم مواجهته بالتهمة المحددة فى عناصرها ومكان حدوثها، فإذا قام العامل بالرد على الاتهام وتقديم دفاعه، فعلى المحقق أن يحقق هذا الدفاع ويتثبت منه ويستبعد ما يثبت له من خلال التحقيق عدم صحته حتى يتسنى للمحقق أن يعيد استجواب المتهم على أساس ما يظهر له من صدق أو كذب دفاعه، ويتحقق بالتالي مبدأ المواجهة، وبغير هذا التحقيق للدفاع لا يتسنى للعامل معرفة ما هو منسوب إليه على نحو دقيق وينهار بالتالي مبدأ المواجهة ويكون التحقيق معيباً ويبطل ما يبنى عليه سواءً كان قراراً بالجزاء أو بالإحالة للمحكمة التأديبية. {حكمها في الطعن رقم 74180 لسنة 63 ق ع بجلسة 27/6/2020}. وأن الحيدة الواجب توافرها فى المحقق ينبغى ألا تقل عن الحيدة الواجب توافرها فى القاضى ، وإلا كان التحقيق باطلاً مما يستتبع بطلان قرار الجزاء المستند إليه. {حكمها في الطعن رقم 19148 لسنة 57 ق ع بجلسة 18/1/2020} وأنّه من المبادئ والأسس المقررة في نطاق شرعية الإجراءات التأديبية، أنه يجب أن يكون للتحقيق الإداري كل مقومات التحقيق القانوني الصحيح وكفالاته وضماناته من حيث وجوب استدعاء الموظف وسؤاله ومواجهته بما هو مأخوذ عليه من أعمال وتمكينه من الدفاع عن نفسه وإتاحة الفرصة له لمناقشته شهود الإثبات وسماع من يرى الاستشهاد بهم من شهود النفي وغير ذلك من مقتضيات حق الدفاع، فهي أمور تقضيتها العدالة كمبدأ عام في كل محاكمة جنائية أو تأديبية دون حاجة إلى نص خاص بها. {حكمها في الطعن رقم 101400 لسنة 62 ق ع بجلسة 15/9/2018} وأن حق الشكوى مكفول دستورياً، وأن للعامل أن يبلغ عن المخالفات التي تصل إلي علمه أو يتظلم عما يعتقد أنه خطأ، بل أن هذا البلاغ واجب عليه توخياً للمصلحة العامة، إلا أنه يتعين عليه عند قيامه بهذا البلاغ ألا يخرج عما تقتضيه واجبات الوظيفة العامة من توقير الرؤساء واحترامهم، وأن يكون قصده من هذا البلاغ الكشف عن المخالفات توصلاً إلي ضبطها، لا يلجأ إليه مدفوعاً بشهوة الأضرار بالزملاء أو الرؤساء والكيد لهم والطعن في نزاهتهم علي غير أساس من الواقع، كما لا يسوغ له أن يتخذ من الشكوي ذريعة للتطاول علي الرؤساء وغيرهم من العاملين بما لا يليق أو تحديهم أو التشهير بهم، كما يجب أن يكون الشاكي أو المبلغ علي يقين من صحة ما بلغ عنه ويملك دليل صحته أو يستطيع الاستشهاد به دون أن يلقي بالاتهامات المرسلة دون دليل علي صحتها، فإذا خرج العامل في شكواه علي الحدود المتقدمة، فإنه يكون قد أخل بواجبات وظيفته وحق عليه العقاب. {حكمها في الطعن رقم 6290 لسنة 57 ق ع بجلسة 21/12/2019} لما كان ما تقدّم؛ وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضدّه كان قد تلقّى شكوى الدكتور/ أحمد عبدالفتاح علي – الأستاذ المساعد بكلية التربية النوعية بجامعة بنها، والتي تضرر فيها من الطاعنة – وأُخرى – لتقدّمهما بشكوى كيدية ضدّه باتّهامه بالاستيلاء على مبالغ مالية تخصّهما عن المشاركة في لجان البتّ والفحص لعملية شراء أجهزة وأدوات علمية لقسم الاقتصاد المنزلي بالكلية، الأمر الذي ترتّب عليه إحالته لمجلس التأديب ومعاقبته بعقوبة التنبيه – والتي تم إلغاؤها بحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 59470 لسنة 62 ق ع، ملتمساً فيما تقدّم الإضرار بسمعته ومركزه العلمي بالكلية وبلوغ مبلغ السب والقذف. وبتاريخ 28/6/2018 أحال المطعون ضده الشكوى للتحقيق، الذي بوشر من خلال استدعاء المشكو في حقّهما - الطاعنة وزميلتها - لجلسة تحقيق مشتركة بتاريخ 23/3/2019، حيث سألهما المحقق مباشرةً عن أقوالهما حيال ما ورد بالشكوى، فطلبتا التأجيل لحين سماع أقوال الشاكي وشهوده المزمع حضورهم بجلسة 30/3/2019، وبتلك الجلسة عقد المحقق جلسة مشتركة أيضاً حضرها المشكو في حقّهما سويّاً، حيث كرّرا طلبهما المُبدى منهما بالجلسة السابقة، وبجلسة التحقيق المنعقدة بتاريخ 6/4/2019 استقبل المحقق الشاكي، والذي طلب ردّ المحقق لأسبابٍ أبداها بالجلسة، ثم استقبل المحقق بذات التاريخ وكيل الطاعنة – دون حضورها – فشرع في طلب أقواله حول ما نُسب للطاعنة وزميلتها في الشكوى آنفة البيان، فدفع وكيل الطاعنة بكيدية الشكوى وعدم جواز التحقيق فيها لسبق حفظ الشكوى المقدمة من نفس الشاكي وبذات المضمون والمقُيّدة برقم 720 لسنة 2016. فاكتفى المحقق بما تقدّم وأعد مذكرته التي ارتأى في ختامها معاقبة الطاعنة وزميلتها بعقوبة اللوم استناداً لثبوت المخالفات قبلهما. وإذ كان التحقيق والحالة هذه قد شابه الخلل الجليّ والقصور الشديد والعصف البيّن بحق الطاعنة في الدفاع، إذ هو بداءةً – وبما يكفي لإبطاله – قد جمع بين الطاعنة وزميلتها "المشكو في حقّهما" لجلستي تحقيقٍ مشتركتين بالمخالفة لضمانةٍ أوليّةٍ وبديهيّةٍ جوهرها خصوصية وانفرادية التحقيق بما يضمن للمُحال الطمأنينة والاستقلالية والحريّة والاسترسال في إبداء أوجه الدفاع أو الدفوع أو التعقيب أو التبرير أو حتّى الإقرار بالاتهام، تلك الأمور التي يحول دونها جميعاً الجمع بين المحالين في جلسة تحقيقٍ واحدة. كما عاب التحقيق أيضاً إغفال المحقق لطلب المشكو في حقّهما الإدلاء بأقوالهما بعد سماع الشاكي والشهود ليكون تعقيبهما متكاملاً، بل هو لم يستدع ثمّة شهود للواقعة، كما لم يستمع لأقوال الشاكي تفصيلاً وأوجه وعناصر شكواه وتضرّره اكتفاءً بما قرّره هذا الأخير من ردّ المحقق لعدم ارتياحه له، فلا المحقّق بحث طلب الردّ ولا أعمل موجباته، ولا هو استكمل بحث عناصر الشكوى تفصيلاً، كما لم يستعرض المحقق في أوراقه مضمون الشكوى المنسوب للطاعنة وزميلتها التطاول بموجبها على الشاكي أو استعراض أوجه تجاوزها للحدود المقررة لحق الشكوى المكفول دستوريّاً، كما كشف في مذكرته عن إخفاقه في استيفاء أوراق كان يراها لازمة للتحقيق. وإذ أغفل التحقيق مسألةً جوهريّة كان واجبٌ تقصّيها؛ ذلك أنّه لم يستعرض – دون المذكرة الموضوعة بشأنه – ما تعلّق بالتحقيق السابق بخصوص الشكوى رقم 720 لسنة 2016، والمنتهية بالحفظ، والتي قرر وكيل الطاعنة أنها تعلّقت بذات الأطراف والمضمون وقدّم للمُحقق صورةً منها بجلسة التحقيق المنعقدة في 6/4/2019، فلم يتناولها المحقق في التحقيق أو يكشف عن الوقائع الجديدة التي حوتها الشكوى محل التحقيق وكانت سنداً للعدول عن قرار الحفظ، اكتفاءً بما أورده بمذكرته من أن حفظ الشكوى السابقة كان في ضوء إدانة الشاكي أمام مجلس التأديب وأن تحقيق الشكوى الماثلة قد استند لتبرئة الشاكي أمام المحكمة الإدارية العليا، وهو ما لا يُستساغ – إذا ما تطابقت الشكويان - سنداً للرجوع عن قرار الحفظ السابق، باعتبار أن مناط الشكوى في جميع الأحوال هو إخلال الطاعنة بواجبات وظيفتها ومقتضياتها، وهو ما يجد مجاله في بحث واستقصاء تجاوز الطاعنة وتعدّيها لحدود حق الشكوى، ولا يمتّ لتبرئة الشاكي أو إدانته بثمّة صلة. وإذ كان نتاج ما تقدّم لا يعدو أن يكون تحقيقاً مبتسراً خاوياً من ثمّة استعراض لتفاصيل الشكوى أو عناصر الإضرار بالشاكي وبسمعته ومركزه العلميّ، أو لأوجه مخالفة الطاعنة لواجبات وظيفتها وخروجها على مقتضاها، خالياً من مواجهة حقيقية للطاعنة بما نُسب لها وعناصر إخلالها وتفنيد أوجه دفاعها. الأمر الذي التمست منه المحكمة بطلان التحقيق وإخلاله بضماناتٍ جوهريّةٍ كانت لازمةٌ لصحّته، وهو ما يكون معه القرار المطعون فيه قد صدر معيباً مخالفاً للقانون غير قائمٍ على سندٍ صحيحٍ يحمله، وتضحى مناعي الطاعنة عليه قائمةً على أساسها من الواقع والقانون جديرةً بالتأييد. ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات. فلــهذه الأسبــــــــاب حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون عليه رقم 1215 لسنة 2019 الصادر من رئيس جامعة بنها، فيما تضمنه من مجازاة الطاعنة بعقوبة اللوم، وذلك على النحو المبين بالأسباب، مع ما يترتب علي ذلك من أثار وألزمت الجامعة المطعون ضدها المصروفات . سكرتير المحكمة رئيس المحكمة روجع / سمير فضل ف