المحكمة التأديبية لمستوي الإدارة العليا - الثبوت اليقيني للواقعة ، مسئولية أعمال اللجان -، الضرر الأدبي

المحكمة التأديبية لمستوي الإدارة العليا - الثبوت اليقيني للواقعة ، مسئولية أعمال اللجان -، الضرر الأدبي

باسم الشعب مجلس الدولة المحكمة التأديبية لمستوي الإدارة العليا بالجلسة المنعقدة علناً بمقر المحكمة اليوم الأربعاء الموافق 27 / 10 / 2021 برئاسة السيد الأستاذ المستشار / حاتم محمد داود فرج الله نائب رئيس مجلس الدولة ورئيـــــــــس المحكمة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / بهجت جوده السيد عبد الجواد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور / وائل السيد على عبد الواحد نائب رئيس مجلس الدولة وسكرتارية السيد/ صبري سرور أمين سر المحكمة أصدرت الحكم بالآتي في الطعن رقم 16 لسنة 55 ق. المقام من / هشام عبد الحميد حسين عناني. ضد/ رئيس جامعة الزقازيق الوقـــائع أقام الطاعن طعنه الماثل بإيداع صحيفته -ابتداءً- قلم كتاب المحكمة التأديبية بالشرقية بتاريخ 2/2/2020 طالبا في ختامها الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه بكامل أجزائه, مع ما يترتب على ذلك من آثار, والقضاء ببراءة الطاعن مما نسب إليه, مع إلزام المطعون ضده بالتعويض عن الضرر المادي والأدبي الذي لحق به, إلزام جهة الإدارة المصروفات. وذكر الطاعن شرحاً لطعنه أنه يشغل وظيفة المدير التنفيذي لمستشفيات جامعة الزقازيق, وقد نسب إليه المسئولية عن وجود كشط وتزوير في بعض محاضر الجلسات الخاصة بالمناقصة التي أجريت لشراء بعض المستلزمات الطبية لقسم العظام، وبتاريخ 26/1/2020 صدر قرار رئيس جامعة الزقازيق المطعون فيه رقم (170) لسنة 2020 بمجازاته بعقوبة اللوم, وإذ ينع الطاعن على هذا القرار مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه والقصور في إجراءات التحقيق والإخلال بحق الدفاع, فقد تظلم منه إلى رئيس الجامعة دون جدوى, ومن ثم لجأ إلى لجنة التوفيق في المنازعات المختصة, وأقام طعنه الماثل بغية الحكم له بطلباته سالفة البيان. وقد تدوول نظر الطعن أمام المحكمة بجلسات المرافعة على النحو المبين بمحاضر الجلسات, وبجلسة 18/8/2020 قضت المحكمة "بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الطعن وإحالته بحالته إلى المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بالقاهرة للاختصاص, مع إبقاء الفصل في المصروفات" ونفاذاً للحكم سالف البيان أحيل الطعن إلى هذه المحكمة وقيد بجدولها بالرقم المدون بصدر الحكم الماثل، وتحدد لنظره أمامها جلسة 23/12/2020, حيث حضر طرفا الخصومة كل بوكيل عنه, وتداولت المحكمة نظر الطعن بجلسات المرافعة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات, قدم خلالها الحاضر عن الطاعن حافظة مستندات طويت على المستندات المعلاة على غلافها, كما قدم مذكرتي دفاع, وقدم الحاضر عن الجامعة المطعون ضدها حافظتي مستندات طويتا على المستندات المعلاة على غلافهما, كما قدم مذكرة دفاع, وبجلسة 6/10/2021 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم, وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به. المحكمة بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً. من حيث إن الطاعن يهدف من طعنه إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع أولاً: بإلغاء قرار رئيس جامعة الزقازيق رقم (170) لسنة 2020 الصادر بتاريخ 26/1/2020 بمجازاته بعقوبة اللوم, مع ما يترتب على ذلك من آثار. ثانياً: بإلزام الجامعة المطعون ضدها بتعويض الطاعن عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته من جراء القرار المطعون فيه, مع إلزام الجامعة المطعون ضدها بالمصروفات. ومن حيث إنه فيما يتعلق بطلب إلغاء القرار المطعون فيه، فإن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 26/1/2020 وتظلم منه الطاعن بتاريخ 29/1/2020, وإذ لم يتلق رداً على تظلمه فقد لجأ إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات بتاريخ 30/1/2020 بالطلب رقم (170) لسنة 2020, وإذ أقام طعنه الماثل بتاريخ 2/2/2020, ومن ثم يكون الطعن مقاما خلال المواعيد المقررة قانونا لدعوى الإلغاء، وإذ استوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى فإنه يغدو مقبول شكلا. ومن حيث إن وقائع الطعن الماثل تخلص في أن الطاعن يشغل وظيفة أستاذ مساعد بكلية الطب جامعة الزقازيق, ومنتدب للعمل مديراً تنفيذياً لمستشفيات جامعة الزقازيق, وإذ تم التحقيق معه في واقعة وجود كشط وتزوير في بعض محاضر الجلسات الخاصة بالمناقصة العامة التي تم طرحها لشراء مستلزمات طبية لقسم العظام بالمستشفى(حوادث الطرق), فقد انتهى المحقق إلى ثبوت مخالفة الطاعن لأحكام المادة (10) من القانون رقم 19 لسنة 2018 في شأن تنظيم العمل في المستشفيات الجامعية, والمادة (21) من قرار وزير التعليم العالي رقم (4767) لسنة 2019 بشأن اللائحة التنفيذية لهذا القانون, ومن ثم أعد مذكرة بالتصرف في التحقيق أوصى في ختامها بمجازاة الطاعن بعقوبة اللوم, وبعرض نتيجة التحقيق على رئيس الجامعة وافق عليها, ومن ثم صدر القرار المطعون فيه بمجازاة الطاعن بعقوبة اللوم, وإذ لم يرتض الطاعن هذا القرار فقد أقام طعنه الماثل بغية الحكم بإلغائه. ومن حيث إن المحكمة الإدارية العليا استقر قضاؤها على أن سبب القرار التأديبي بوجه عام هو إخلال الموظف بواجبات وظيفته أو إتيانه عملا من الأعمال المحرمة عليه، فكل موظف يخالف الواجبات المقررة قانونا أو أوامر الرؤساء الصادرة في حدود القانون أو يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته المنوط به تأديتها بنفسه بدقة وأمانة أو يرتكب ذنبا إداريا هو سبب القرار الذي يسوغ تأديبه. فإذا ثبت أن العامل قام بأداء واجبات وظيفته على الوجه المطلوب منه بنفسه بدقة وأمانة، ولم يأت ما يخل بكرامة وظيفته، ولم يمتنع عن عمل أو تصرف مفروض عليه قانونا، ولم يقصر أو يهمل في أداء واجبات وظيفته كان القرار الصادر بمجازاته في هذا الشأن فاقدا لسنده الصحيح من القانون واجبا إلغاؤه (المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 4033 لسنة 37 قضائية عليا – جلسة 17 / 1 / 1998م - مجموعة أحكام السنة 43 ق – صفحة 691 و ما بعدها). وأن المسئولية التأديبية في مجال الوظيفة العامة تقوم في جوهرها على إخلال الموظف بواجبات وظيفته التي تتحدد - بحسب الأصل ـــ وفقاً للوائح والقرارات التي تصدر في هذا الشأن من الجهات المختصة، ومن ثم فإن من عناصر تلك المسئولية التأكد من أن العمل المُكون للمُخالفة المنسوبة للموظف يدخل في إختصاصه الوظيفي، وإذا كان وجود هذا العنصر لازماً لتقرير المسئولية التأديبية، فإنه يكون أشد لزوماً إذا نازع الموظف في إختصاصه بالعمل موضوع المخالفة لأنه يتعلق بأمر جوهري يتوقف عليه الحُكم بمسئولية الموظف من عدمه، فلا يُسأل الموظف عن عمل لا شأن له به أو غير مُلزم بالقيام به أو لا يدخل في اختصاصه الوظيفي. ومن جهة أخرى فإنه من المُقرر في مبادئ العقاب جنائياً أو تأديبياً أن الأصل في الإنسان البراءة، وأن المُتهم بريء إلى أن تثبت إدانته وأن البينة على من إدعى ويتفرع عن ذلك أن المُتهم غير مُلزم بإثبات براءته وإنما على سُلطة الاتهام أو العقاب بيان الدليل على إدانته ومسئوليته، لذلك فإن عبء إثبات عناصر المسئولية الموجبة للعقاب يقع على سلطة الاتهام المدعية في الدعوى التأديبية وعليها يقع عبء تقديم الدليل ومن ثم كان على سُلطة الاتهام إثبات أن الطاعن هو المُختص وظيفياً بالعمل المُكون للمُخالفة، وخاصة إن دفع بأن هذا العمل لا يدخل في إختصاصه، والحال كذلك إذا ما اتهمته بمخالفة ضوابط أو قواعد معينة فإنها يتعين عليها أن تبين هذه القواعد والضوابط ومصدرها التشريعي أو اللائحي، وأن تقدمها لسلطات التحقيق أو المحاكمة إذا كانت منشورات إدارية أو كتب دورية غير منشورة حتى تكون هذه السلطات على بينة من أمرها بخصوص ثبوت الاتهامات الموجهة إلى المحال، ومن جهة أخرى لا يصح في القانون الإستناد في مجال إثبات الإختصاص الوظيفي إلى شهادة الشهود لأن هذا الإختصاص تُنظمه قرارات إدارية ثابتة بمُستندات صادرة من الجهة الإدارية والجهات الأخرى المُختصة قانوناً بذلك مما يتعين معه الرجوع في تحديد الإختصاص الوظيفي المُوجب للمسئولية إلى تلك المُستندات وليس إلى شهادة الشهود، وذلك على النحو الذى إستقر عليه قضاء هذه المحكمة فى هذا الشأن (المحكمة الإدارية العليا – الطعن رقم11161لسنة 62 ق.عليا – جلسة 23/3/2019). وأن من حقوق الدفاع للمتهم أنه يجب إحاطته بالمخالفة المنسوبة إليه وإحاطته أيضاً بمختلف الأدلة التي يقوم عليها الاتهام وذلك حتى يستطيع الدفاع عن نفسه فيما هو منسوب إليه، وأن يكون ما يوجه للمتهم من اتهامات ثابتة قبله في الأوراق والمستندات وأقوال الشهود، ومن ضمانات التحقيق أيضاً تحقيق ما يبديه المتهم من أوجه دفاع وتفنيدها ثم إعادة مواجهته بما يسفر عنه تحقيق دفاعه من بطلان أسانيده وأدلته وبغير هذا لا يمكن الوصول إلي الحقيقة من خلال تحقيق مستكمل الأركان, وأن التحقيق الإداري لا يكون مستكملاً لمقوماته الموضوعية بغير توافر مبدأين أساسيين: المبدأ الأول هو مبدأ المواجهة بالاتهام والمبدأ الثاني هو تحقيق دفاع المتهم على نحو يوضح بجلاء مدى مسئوليته عن المخالفة، وبغير هذين المبدأين أو أحدهما يغدو التحقيق باطلاً لا يمكن أن يرتب أثراً في توقيع الجزاء على المتهم.(المحكمة الادارية العليا في الطعنين رقمي 7929 ، 8487 لسنة 48ق.ع جلسة 18/2/2006). ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه بمجازاة الطاعن بعقوبة اللوم قد صدر استناداً لما نسب إليه خلال التحقيق الذي أجري معه في هذا الشأن من أنه خالف قانون المناقصات والمزايدات رقم (89) لسنة 1998، وكذا التعليمات المنظمة لإدارة المستشفيات الجامعية بالزقازيق, وذلك لقيامه – بصفته المدير التنفيذي لمستشفيات جامعة الزقازيق - بإحالة أوراق المناقصة التي تم طرحها بجلسة 15/11/2018، بما في ذلك محاضر لجنة البت في المناقصة ومرفقاتها، إلى رئيس مجلس إدارة المستشفيات الجامعية لاعتمادها، على الرغم مما تضمنته أوراق المناقصة من مخالفات قانونية تمثلت في وجود كشط وتزوير في بعض محاضر الجلسات الخاصة بالمناقصة، واستبان للمحكمة من مطالعة أقوال الطاعن بالتحقيقات دفعه لهذه المخالفة بأنها جاءت في عبارات مبهمة وغير محددة, بحسبان أن المحقق لم يحدد – وهو بصدد توجيه الاتهام إلى الطاعن - مواد بعينها في قانون المناقصات والمزايدات نسب إلى الطاعن مخالفتها، فضلاً عن أنه لم يحدد الدور المنوط قانوناً بالطاعن كمدير تنفيذي للمستشفيات بشأن طرح هذه المناقصات والبت فيها فنياً ومالياً، لا سيما في ضوء وجود لجان - مشكلة لهذا الغرض بموجب قرار من رئيس الجامعة – مختصة بالبت في المناقصة فنياً ومالياً، واستبان للمحكمة أن الطاعن طلب من المحقق أن يحدد نصوص المواد المنسوب إليه مخالفتها حتى يسنى له الدفاع عن نفسة, إلا أن المحقق لم يجبه إلى طلبه, وأضاف الطاعن أنه لم يكن عضواً بهذه اللجان ولم يوقع على محاضرها, وأن أعضاء هذه اللجان هم المسئولون عن أعمالها, وأنها ترفع توصياتها إلى رئيس الجامعة لاعتمادها بحسبان الأخير هو السلطة المختصة في هذا الشأن, وأن دوره في هذا الشأن ينحصر في عرض توصيات هذه اللجان على رئيس مجلس إدارة المستشفيات الجامعية (عميد كلية الطب) ليقوم الأخير بدوره برفعها إلى رئيس الجامعة بحسبانه السلطة المختصة في هذا الشأن, وأنه لا يملك التدخل في أعمال هذه اللجان أو التعقيب على توصياتها, وأن الكشط والتزوير المدعى وجودة بمحاضر هذه اللجان يسأل عنه من قام بتحرير هذه المحاضر والتوقيع عليها, فضلاً عن أن قيمة هذه المناقصة تجاوز خمسة ملايين جنيه وهي حدود اختصاص المدير التنفيذي وفقاً للقانون. ولما كان ما تقدم وكان المستفاد من مطالعة نصي المادتين رقمي (١١,١٢) من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998, والمادتين رقمي (١٥) , (٢٢) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون, أن البت في المناقصات بأنواعها يكون عن طريق لجنتين, تقوم إحداهما بفتح المظاريف والأخرى بالبت في المناقصة, ويصدر بتشكيل لجان فتح المظاريف ولجان البت قرار من السلطة المختصة برئاسة موظف تتناسب وظيفته ودرجته مع أهمية المناقصة, وتضم هذه اللجان عناصر فنية ومالية وقانونية وفق أهمية وطبيعة التعاقد, ويجب أن يشترك في عضوية لجان البت ممثل لوزارة المالية إذا جاوزت القيمة مائتين وخمسين ألف جنيه, وكذا عضو من إدارة الفتوى المختصة بمجلس الدولة إذا جاوزت القيمة خمسمائة ألف جنيه. وأن المستفاد من مطالعة نصي المادتين رقمي (٧ ,10) من قانون تنظيم العمل في المستشفيات الجامعية الصادر بالقانون رقم 19 لسنة 2018, أن مجلس إدارة المستشفيات الجامعية هو السلطة المهيمنة على شئونها، وتصريف أمورها ووضع خطط العمل التي تحقق أغراضها، ويكون للمستشفيات الجامعية مدير تنفيذي يختص بإدارتها، والإشراف على سير العمل بها فنيا وإداريا وماليا، ويكون مسئولا أمام مجلس الإدارة عن ذلك، وله في سبيل ذلك ممارسة جميع اختصاصات السلطة المختصة فيما يتعلق بتطبيق أحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات المشار إليه، وذلك فيما لا تجاوز قيمته خمسة ملايين جنيه بالنسبة لإجراءات المناقصات أو المزايدات أو الممارسات بجميع أنواعها بالنسبة لشراء المنقولات، أو تلقي الخدمات، أو الدراسات الاستشارية، أو الأعمال الفنية أو مقاولات النقل، وعشرة ملايين جنيه بالنسبة لمقاولات الأعمال. ومن حيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت أوراق التحقيق قد خلت من ثمة ما يفيد قيام المحقق بتحقيق دفاع جوهري للطاعن، يتمثل في أنه غير مختص باعتماد أعمال اللجان المشكلة للبت في المناقصة المشار إليها أو التعقيب عليها، بحسبان أن قيمة هذه المناقصة تزيد على النصاب المالي المقرر له وهو خمسة ملايين جنيه، الأمر الذى يؤكده أن هذه اللجان تم تشكيلها بموجب قرار من رئيس الجامعة، فإن ذلك مما يعيب التحقيق ويبطله، إذ كان يتعين على المحقق بحث وتحقيق دفاع الطاعن وتفنيده والرد والتعقيب عليه وبيان مدى صحة هذا الوجه من أوجه الدفاع من عدمه، خاصة وأنه دفاعا جوهريا له وجاهته وأهميته فى إثبات مدى ارتكاب الطاعن للمخالفة. أما وان المحقق قد التفت عن ذلك ولم يكترث بتحقيق دفاع الطاعن على النحو سالف البيان، فإن ذلك يعد إخلالا جسيما بحق الطاعن فى الدفاع، بما يتعين معه الالتفات عما انتهى إليه هذا التحقيق وعدم التعويل عليه أو الاستناد إليه لإثبات ارتكاب الطاعن للمخالفة المنسوبة إليه. ومن حيث إنه بالإضافة إلى ما تقدم، فقد ناط قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم (89) لسنة 1998 وكذا قانون تنظيم العمل في المستشفيات الجامعية رقم (19) لسنة 2018 بالسلطة المختصة واللجان التي تشكلها لهذا الغرض (لجان فض المظاريف- لجان البت) مسئولية إجراء المناقصات ابتداءً من إجراءات طرح المناقصة وانتهاء باعتماد توصيات لجنة البت. ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يكن عضواً بأي من هذه اللجان، كما لم يكن مختصاً باعتماد أعمالها، وأن دوره كان يقتصر على مجرد إحالة ما انتهت إليه هذه اللجان من توصيات إلى السلطة المختصة للنظر في اعتمادها من عدمه، ومن ثم فلا يمكن مساءلة الطاعن عن أي قصور شاب أعمال هذه اللجان، وأن الكشط والتزوير المدعى وجوده بمحاضر أعمال هذه اللجان يسأل عنه من قام بتحرير هذه المحاضر والتوقيع عليها، وأن رئاسة الطاعن لأعضاء هذه اللجان لا ترتب مسئوليته عن أعمالهم؛ ذلك أن المسئولية التأديبية للرئيس الإداري صاحب الوظيفة الإشرافية لا تتحقق بمجرد ثبوت مخالفات وقعت في الأعمال التنفيذية التي تتم بمعرفة العاملين تحت رئاسته وخاصة فيما يقع منهم من تراخى في التنفيذ أو التنفيذ على وجه لا يتفق والتعليمات، باعتبار أن الرئيس الإداري ليس مطلوبا منه أن يحيط بكل وقائع العمل الذي يقوم به مرؤوسيه، أو أن يحل محل كل عامل تحت رئاسته في أدائه لواجباته، لتعارض ذلك مع طبيعة تنظيم العمل الإداري القائم على توزيع الاختصاصات ولاستحالة الحلول الكامل، وإنما يشترط لتحقق مسئوليته توافر الخطأ الشخصي في حقه، بأن يثبت قبله فعلا محددا سواء كان إيجابيا أو سلبيا، يكشف سوء ممارسته أو إهماله في مباشرة مسئولياته الرئاسية الخاصة بالرقابة والإشراف والمتابعة والتنسيق بين أعمال مرؤوسيه بما يكفل حسن سير المرفق، وذلك في حدود القوانين واللوائح والتعليمات المنظمة لهذه المسئوليات وفي نطاق ما هو ممكن لمن في مثل مركزه الوظيفي وفي ضوء الظروف والملابسات لكل واقعة على حدة، فإذا ما انتفى هذا الخطأ انتفت مسئوليته التأديبية (الطعن رقم661لسنة42 ق.ع جلسة19/11/2000- المكتب الفني - سنة 46 - ص127- وكذا الطعن رقم6991لسنة44 ق.ع - جلسة 10/12/2000 .المرجع السابق ص 285 ، والطعن رقم 3577 لسنة 42ق بجلسة 8/4/2001 ، والطعن رقم 5608 لسنة 45 ق .ع - جلسة 30/6/2001). وإزاء ما تقدم, وإذ تبين للمحكمة أن الواقعة التي نسبتها الجامعة المطعون ضدها إلى الطاعن والتي صدر بناءً عليها القرار المطعون فيه، غير ثابتة فى شأن الطاعن ثبوتا يقينيا فى ضوء الإخلال بحقه فى الدفاع بعدم تحقيق أوجه دفاعه التى أبداها نفيا لمسئوليته عما شاب بعض المحاضر من كشط وتزوير، فضلا عن ثبوت عدم مسئوليته عن ذلك بالفعل وفقا لما تقدم، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر مفتقدا إلى صحيح سنده خليقا بالإلغاء. ومن حيث إنه عن طلب التعويض, فإن المستقر عليه أن طلبات التعويض عن القرارات الإدارية غير المشروعة لا تتقيد بمواعيد وإجراءات دعوى الإلغاء المنصوص عليها بالمادة (24) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 ، وإذ ثبت للمحكمة تقدم الطاعن بطلب التوفيق رقم (170) لسنة 2020 إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات بجامعة الزقازيق, وإذ استوفى الطلب الماثل سائر أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً ، فمن ثم فإنه يكون مقبولاً شكلاً . ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد جرى على أن مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية الصادرة عنها تقوم على ثبوت وجود خطأ في جانبها، بأن يكون القرار غير مشروع أي يشوبه عيب أو أكثر من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة ، وأن يلحق بصاحب الشأن ضرر مباشر من هذا الخطأ، وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر، فإذا تخلف ركن أو أكثر من هذه الأركان الثلاثة انتفت المسئولية المدنية في جانب جهة الإدارة. وأنه فيما يتعلق بركن الضرر المترتب على القرار الإداري غير المشروع فإنه لا يقوم على الإفتراض والتسليم بمجرد إلغاء القرار المشوب بمخالفة موضوعية للقانون، وإنما يتعين على من يدعيه إثباته بكافة طرق الاثبات. وأن الضرر أما أن يكون مادياً أو أدبياً، والضرر المادي هو الإخلال بمصلحة ذات قيمة مالية للمضرور، أما الضرر الآدبي فهو الذي يصيب مصلحة غير مالية للمضرور، على أن يكون هذا الضرر مترتباً مباشرة على الخطأ ومحققاً، وأن التعويض يدور وجوداً وعدماً مع الضرر ويقدر بمقداره بما يحقق جبره دون أن يُجاوزه حتى لا يُثرى المضرور على حساب المسئول دون سبب. والتعويض عن الضرر قد يكون عينياً أو بمقابل، وهذا المقابل قد يكون نقدياً أو غير نقدي والتعويض غير النقدي يجد سنده في القاعدة القانونية المقررة في القانون المدني التي تُجيز للقاضي أن يأمُرّ بإعادة الحال إلى ما كانت عليه أو الحكم بأداء معين متصل بالعمل غير المشروع ، وهذا التعويض غير النقدي يجد مجاله في الضرر الأدبي بشرط أن يكون كافياً لجبر هذا الضرر (يُراجع في هذا حكم المحكمة الادارية العليا في الطعن رقم 16465 لسنة 51 ق . جلسة 23/1/2011). وهدياً بما تقدم، ولما كان الثابت من مطالعة مذكرة الدفاع المقدمة من الطاعن بجلسة 1/9/2021, والتي تضمنت بيان عناصر التعويض المطالب به ومن بينها عنصر الضرر, أن الطاعن دون بها أن الأضرار المادية التي أصابته نتيجة صدور القرار المطعون فيه تمثلت في ما فاته من كسب بسبب عدم التجديد له في وظيفة المدير التنفيذي لمستشفيات جامعة الزقازيق (الامتيازات المادية المرتبطة بشغل هذا المنصب), دون أن يقدم الطاعن ثمة دليل على أن عدم صدور قرار بتجديد ندبه في الوظيفة المذكورة كان نتيجة لمجازاته بموجب القرار المطعون فيه، وكان الضرر الموجب للتعويض هو الضرر المحقق الذي يترتب بصورة مباشرة على الخطأ (القرار غير المشروع) وليس الضرر المحتمل. وفضلاً عن ذلك فإنه فيما يتعلق بالأضرار الأدبية التي يدعيها الطاعن فإنه إذا كان الأصل في التعويض أن يكون نقدياً، فإنه يجوز أن يكون التعويض عن الأضرار غير نقدي ، ومن ثم فإن إلغاء قرار الجزاء غير المشروع يُعد خير تعويض عن الأضرار الأدبية التي عساها أن تكون قد أصابت الطاعن من جراء هذا القرار. ومن ثم فإنه متى خلصت المحكمة إلى إلغاء قرار رئيس جامعة الزقازيق المطعون فيه رقم (170) لسنة 2020 الصادر بتاريخ 26/1/2020 بمجازاة الطاعن بعقوبة اللوم، فإن من شأن ذلك جبر كل ما لحق الطاعن من ضرر أدبي، ومن ثم يعتبر ذلك الإلغاء خير تعويض للطاعن عن تلك الأضرار ، وبحسبان أنه سيترتب على تنفيذ الحكم إعلاءً لكرامته وسُمعته ورداً لاعتباره سواء في محيط العمل بين زملائه وأقرانه ومرؤوسيه، وفي نطاق أسرته وذويه وأقاربه ومعارفه والمحيطين به، وبالتالي فإن ذلك يُعد خير تعويض للطاعن عما أصابه من أضرارّ جراء صدور القرار المطعون فيه, ، الأمر الذى يتعين معه ـ والحالة هذه ـ رفض طلب التعويض. ومن حيث إنه ولئن كان الطاعن قد أصاب في بعض طلباته وأخفق في بعضها الآخر إلا أن المحكمة تلزم جهة الإدارة بالمصروفات كاملة عملاً بنص المادة 186 مرافعات. "فلهذه الأسباب " حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس جامعة الزقازيق رقم (170) لسنة 2020 الصادر بتاريخ 26/1/2020 بمجازاة الطاعن بعقوبة اللوم، مع ما يترتب على ذلك من آثار، ورفض ما عدا ذلك من طلبات, وألزمت الجهة الإدارية المصروفات. سكرتير المحكمة رئيس المحكمة روجع / سمير فضل ف